الحديث الصحيح والحديث الحسن
الحديث الصحيح والحديث الحسن
    |         |         |    

الحديث الصحيح والحسن لذاته ولغيره

  الحديث الصحيح لذاته هو خبر الواحد المتصل السند بنقل عدل تام الضبط غير معلل بقادح ولا شاذ ونعني بتام الضبط من يكون لا بحيث يقال إنه قد يضبط وقد لا يضبط وبالضبط ضبط صدر وهو أن يثبت الراوي ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء وضبط كتاب وهو صيانته لديه منذ سمع وصححه إلى أن يؤدي منه...
   فإن خف الضبط والصفات الأخرى فيه فهو الحسن لذاته
   فإن تعددت طرق الحسن لذاته بمجيئه من طريق آخر أقوى أو مساوية أو طرق أخرى ولو منحطة فهو الصحيح لغيره...
   وأما الحسن لغيره فهو الواحد الذي يرويه من يكون سيء الحفظ ولو مختلطا لم يتميز ما حدث به قبل الاختلاط أو يكون مستورا أو مرسلا لحديثه أو مدلسا في روايته من غير معرفة المحذوف فيهما فيتابع أيا كان منهم من هو مثله أو فوقه في الدرجة من السند وستعرف المتابعة... وقيل الحسن لغيره ما رواه المستور الذي توقف فيه ثم قامت قرينة رجحت جانب قبوله لمجيء مروية من طريق أخرى....


‌فصل في تفاوت رتب مطلق الصحيح والحسن

  أما الحسن فالذي صحح إسناده عدة من الحفاظ ونعتوه بأنه من أدنى مراتب الإسناد الصحيح وإن حسنه الأكثرون منهم فهو مقدم على ما لم يصحح إسناده أحد وما لم يصحح إسناده أحد ولم يضعف إسناده بعضهم فهو مقدم على خلافه..
   وأما الصحيح فالذي أطلق بعض الأئمة على إسناده أنه أصح الأسانيد وإن كان المعتمد عدم إطلاق ذلك لترجمة معينة منها فهو مقدم على خلافه..
  وخلافه إن كانت فيه صفات الصحيح كلها بلا خلاف فهو مقدم على ما هي فيه مع الخلاف في وجود بعضها أو مع الخلاف في كونه شرطا للصحة بعد الاتفاق على عدمه نحو الاتصال بالنسبة إلى من يصحح مرسل أهل القرون الثلاثة وهم أصحابنا الحنفية ونحو الضبط بالنسبة إلى من يصحح ما نقله عدل وإن لم يكن ضابطا....
   وأيضا ما اتفق الشيخان على تخريجه في صحيحيهما فهو مقدم على ما انفرد به أحدهما في صحيحه
   وما انفرد به البخاري في صحيحه فهو مقدم على ما انفرد به مسلم في صحيحه لوجهين

  •  أحدهما أنه كان أجل من مسلم في العلوم وأعرف بصناعة الحديث منه وأن مسلما تلميذه وخريجه ولم يزل يستفيد منه ويتبع آثاره..
  •  وثانيهما أن الصفات التي تدور عليها الصحة في كتاب البخاري أتم منها في كتاب مسلم وأسد وشرطه فيها أقوى وأشد..

   أما رجحانه من حيث الاتصال فلاشتراطه ثبوت لقاء الراوي لمن روى عنه ولو مرة بخلاف مسلم فإنه اكتفى بإمكان اللقاء، وأما من حيث العدالة والضبط فلأن من تكلم فيهم من رجال صحيحه أقل بخلاف مسلم فإن من تكلم فيهم من رجال صحيحه أكثر ولأنه لم يكثر من إخراج حديث من تكلم فيهم بخلاف مسلم ولأن أكثر ما انفرد به منهم هم من شيوخه الذين أخذ عنهم ومارس حديثهم بخلاف مسلم ولما علم من أنه إنما كان يخرج حديث من كان متقنا ملازما لمن أخذ عنه ملازمة طويلة دون حديث من يتلو هذه الطبقة فيهما في المتابعات إلا حيث تقوم القرينة لضبطه له بخلاف مسلم..
   وأما من حيث عدم الشذوذ والتعليل فلأن ما انتقد عليه من الأحاديث أقل بخلاف مسلم، وادعى الزين قاسم أن النقد المذكور غير مسلم وأنه ليس كله من الحيثيتين...

    ومنهم من قدم صحيح مسلم في الصحة على صحيح البخاري واستدل له بقول الحافظ أبي علي النيسابوري ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم وقول مسلمة بن قاسم حيث ذكر صحيح مسلم لم يضع أحد مثله...
   ورد الأول بأنه إنما نفى وجود كتاب أصح من كتاب مسلم ولم ينف المساوة ولو سلم فمعارض بقول شيخه الإمام أبي عبد الرحمن النسائي ما في هذه الكتب أجود من كتاب محمد بن إسماعيل إذ الظاهر أنه أراد الأجودية في الصحة لا في غيرها ولو سلم فالقول بتقديم صحيح البخاري في الصحة على صحيح مسلم هو قول الجمهور (والقول ما قالت حذام ... )...

   ورد الثاني بأنه إن أراد أن أحدا لم يضع مثله في جودة التركيب وحسن التهذيب فمسلم لكنه لم يلزم منه تقديمه في الصحة على صحيح البخاري وإن أراد أن أحدا لم يضع مثله في الصحة فممنوع...


فصل في ما كان على شرط الصحيحين ولم يخرجاه

   وأما ما كان على شرطهما مما لم يخرجاه في صحيحيهما:

  • فمقدم على ما كان على شرط البخاري.
  • وهو مقدم على ما كان على شرط مسلم.
  • وهو مقدم على ما ليس على شرطهما اجتماعا ولا انفرادا.

  ونعني بشرطهما اجتماعا أن يكون رواة الحديث رواة كتابيهما ما باقي شروط الصحيح على الصحيح لكن ما كان على شرطهما وليس له عله فهو فوق ما انفرد به البخاري وكذا مسلم في صحيحه على المختار.... وذهب قاضي القضاة إلى أن ما كان على شرطهما فهو دونه أو مثله...
  قال وإنما قلت أو مثله لما عند مسلم جهة ترجيح أيضا من حيث أنه في الكتاب المذكورفتعادلا، ورده الزين قاسم بأن قوة الحديث إنما هي بالنظر إلى رجاله لا بالنظر إلى كونه في كتاب كذا...

    فهذه سبعة أقسام متفاوتة في الصحة عند قاضي القضاة وأعلى الثلاثة الأول أولها كما أن أعلى الأربعة الأخيرة أولها
ولو رجح قسم من هذه السبعة على ما فوقه بمرجح قدم على ما فوقه، كما لو كان الحديث مما انفرد به مسلم وهو مشهور مفيد للظن فحفته قرينة بها أفاد العلم فقدم على فرد مطلق انفرد البخاري لبقائه على إفادة الظن دون ذاك أو كان مما لم يخرجاه ولكن كان من ترجمة وصفت بكونها أصح الأسانيد فقدم على ما انفرد به أحدهما مثلا ولم يكن منهما لا سيما إذا كان في إسناده من فيه مقال....


نصوص ذات صلة

جميع النصوص